عوامل مؤثرة في تغيرات درجة الحرارة.

ذكرت في الجزئية السابقة أن تحديد التغيرات اليومية في درجات الحرارة مبني على افتراضات يجب توافرها لنحصل على المخططين (1-6) و (1-7) وهي طول الليل والنهار وهدوء الرياح الافقية والرأسية وخلو السماء من الغطاء السحابي والعوالق ولكن كيف تؤثر كل هذه العوامل على التغيرات اليومية في درجات الحرارة؟ 

لنأخذ كل عامل على حده:

1-تفاوت طول الليل والنهار

عدم التساوي في طول الليل والنهار لا يؤثر على السلوك العام لتبادل الطاقة لكنه يزيد من الفترات التي يحدث فيها العجز في الطاقة عندما يكون الليل أطول من النهار مما يؤدي إلى انخفاض أكبر في درجات الحرارة الصغرى والعكس عندما يكون النهار أطول من الليل.

2-حركة الرياح

إن الرياح السطحية النشطة تؤدي إلى حدوث نوع من الخلط الحراري مما يجعل درجات الحرارة متقاربة على مساحات واسعة ويقلل التفاوت بين درجات الحرارة الصغرى والعظمى بمعنى آخر يؤدي نشاط الرياح السطحية إلى تقليص الفارق في الطاقة بين أوقات الفائض أوقات العجز، في حين تعمل التيارات الرأسية المنتقلة بواسطة الحمل الحراري إلى زيادة وتيرة الفقد في الطاقة مما يعني انخفاض أكبر في دراجات الحرارة الصغرى أضف إلى ذلك أن نشاط التيارات الرأسية قد يصاحبها تكون بعض الغطاء السحابي.

-الغطاء السحابي والعوالق

إن السحب المتكونة عن طريق عملية التكثف ما هي إلا جزيئات ماء مترابطة وغاية في الصغر، والتركيب الجزيئي للماء يسمح للموجات ذات الطول الموجي القصير بالعبور خلاله دون الموجات ذات الطول الموجي الأقل مثل الاشعة تحت الحمراء وهذا يعتمد بالطبع على نوع وكثافة السحب بمعنى آخر أنه يعمل نفس عمل غازات الاحتباس الحراري وكنتيجة لذلك في الأيام الغائمة سينعكس ويتشتت جزء كبير من الاشعاع الشمسي خلال فترات النهار ويحجب من الوصول إلى سطح الأرض مما يؤدي إلى نهار ابرد نسبيا من المعتاد لكن في المقابل وجود الغطاء السحابي في الليل سيعمل على امتصاص جزء كبير من الاشعاع الأرضي ذو الطول الموجي الأطول نسبيا وإعادة اشعاعه من جديد وهذا سيعمل على جعل الليل ادفئ نسبيا.

درجات الحرارة المقاسة والمحسوسة

قد تكون علمت في يوم من الأيام أن درجة الحرارة العظمى لذلك اليوم كانت 33 درجة مئوية وبدى لك الجو جميلا ومنعشا للتنزه والاستجمام وبعدها بعدة أيام علمت أن درجة الحرارة لذلك اليوم هي 33 درجة أيضا ولكن الجو بدا لك حارا والشمس ساطعة إذا حدث لك هذا الموقف من قبل فمن المؤكد أنك ستتساءل عن مصداقية رصد درجة الحرارة وأي الرصدين كان صحيح؟ والجواب هو أن كلا الرصدين كان صحيح لكن الاختلاف كان في الظروف الجوية التي سجلت فيها درجة الحرارة تلك.

إن المعايير المعتمدة دوليا لقياس درجة الحرارة هي وضع مقياس درجة الحرارة في الظل على ارتفاع 1.5 متر عن سطح الأرض ومعرض للهواء الخارجي، من ثمّ تعرف أن مقياس درجات حرارة السيارة لا يخضع في كثير من الأحيان للمعايير الدولية ومع ذلك كما في المثال أعلاه ففي بعض الأحيان عند نفس القراءة لدرجة الحرارة نشعر بأن الحرارة المحسوسة مختلفة! وتفسير ذلك في سرعة الرياح السطحية والرطوبة النسبية المسجلة.

يتركب جسم الانسان من أعضاء ترتبط فيما بينها بأجهزة والتي بدورها تتفاعل مع بعضها في عمليات لتؤدي الوظائف الحيوية لجسم الأنسان وقد وجد أن درجة الحرارة الملائمة لحدوث العمليات الحيوية في جسم الانسان هي حوالي 37 درجة مئوية لذلك فإن جسم الانسان يحتوي على وسائل تبقيه من الداخل عند هذه الدرجة مهما كانت درجة الحرارة المحيطة به فقد يتكيف جسم الانسان على العيش في درجات حرارة تتجاوز الخمسين درجة مئوية أو تقل عن العشرين درجة مئوية تحت الصفر وذلك من خلال وجود أنظمة تبريد وتدفئة طبيعية في جسم الانسان.

وثبت علميا أن جسم الإنسان يعمل بكفاءة أكبر عندما يعرف بمستوى الراحة وهو عند درجة حرارة 25 درجة مئوية تقريبا، والعمليات الحيوية في جسم الانسان في الواقع عمليات احتراق للمركبات العضوية طاردة للطاقة لذلك فعند انخفاض درجات الحرارة عن مستوى الراحة يلجأ الانسان إلى ارتداء ملابس ثقيلة والتي بدورها تحافظ على الطاقة المنبعثة من الجسم بشكل تلقائي وتبقي الجسم دافئ بينما عند ارتفاع درجات الحرارة فوق مستوى الراحة يعمل الجسم على افراز العرق والذي بدوره يتبخر على الجسم وبما أن عملية التبخر ماصة للطاقة فإن الجسم الذي تحدث عليه عملية التبخر تنخفض درجة حرارته.

لكن عند نشاط الرياح السطحية يبدو الجو أبرد من درجة الحرارة المسجلة وذلك لأن نشاط الرياح يعمل على تشتيت الطاقة المنبعثة من جسم الانسان بصورة أسرع فيشعر الانسان بالبرودة. أما ارتفاع الرطوبة النسبية فيجعل الجو يبدو أدفئ وذلك لأن ارتفاع الرطوبة النسبية في الجو الحار تؤدي إلى إبطاء عملية التبخر التي تعمل على تبريد جسم الانسان وعموما توجد معادلات رياضية لحساب درجة الحرارة المحسوسة في قيم مختلفة من الرطوبة والرياح وفيما يلي بعض القيم على سبيل المثال:

من الجدول(1-2) نلاحظ أنه عند تسجيل درجة الحرارة 10 درجات مئوية تكون درجة الحرارة المحسوسة 8.6 درجة مئوية إذا بلغت سرعة الرياح السطحية 10 كم\ساعة، 6.6 درجة مئوية إذا بلغت سرعة الرياح السطحية 30 كم\ساعة، وهكذا بالنسبة لباقي الدرجات.

من الجدول(1-3) نلاحظ أنه عند تسجيل درجة الحرارة 32 درجات مئوية تكون درجة الحرارة المحسوسة 8.6 درجة مئوية إذا بلغت الرطوبة النسبية 50%، وتكون المحسوسة 45 درجة مئوية إذا بلغت الرطوبة النسبية 80%، وهكذا بالنسبة لباقي نسب الرطوبة.

يقارن الجدولين السابقين درجات الحرارة المحسوسة عند قيم مختلفة من سرعة الرياح والرطوبة النسبية البيانات في كل جدول تستخدم معادلة رياضية مختلفة ومستقلة عن الأخرى لذلك مثلا عن حساب درجة الحرارة المحسوسة عند قيم مختلفة من الرطوبة النسبية لا نأخذ الرياح السطحية في الحساب وعندما نحسب تأثير الرياح لا نأخذ الرطوبة النسبية في الحساب، لذلك نجد في الجدول (1-3) أن درجات الحرارة المحسوسة تتزايد بشكل كبير مع تزايد الرطوبة النسبية عند درجات الحرارة العالية في حين نجد أن تأثر الرطوبة النسبية على درجات الحرارة المحسوسة يكون أقل عند درجات الحرارة المعتدلة ودمج تأثير الرياح والرطوبة على درجات الحرارة المحسوسة يبدو معقدا لكن نلاحظ منها أن تأثير الرطوبة النسبية يظهر بشكل أكبر عندما درجة الحرارة أكثر من 30 درجة مئوية في حين يظهر تأثر الرياح بشكل أكبر عندما تكون درجات الحرارة أقل من 10 درجات مئوية.

كتب بواسطة :يوسف السناني

تويتر:hakem_aszman@