إن توزيع اليابسة والماء على الأرض يعطي قارة اسيا ميزة غير موجودة لدى باقي القارات فحول الأرض نجد أن المحيط الهادي يمتد من الشمال إلى الجنوب كذلك الحال مع المحيط الأطلسي وفي نفس الوقت نجد أن قارة أمريكا الشمالية تقابلها في الجنوب قارة أمريكا الجنوبية وقارة افريقيا تقابلها في الشمال قارة أوروبا وهذا يعطي نوعا من التجانس الجغرافي على هذه المناطق وتساعد على ظهور أنظمة ضغط سطحية شبه دائمة تتحرك شمالا وجنوبا مع تحرك الشمس الظاهري لذلك نجد أن منطقة الركود المداري تكاد لا تتجاوز عشر درجات شمال وجنوب خط الاستواء فيها.
هذا التجانس غير موجود في الجزء الذي تتواجد فيه قارة اسيا والمحيط الهندي فإلى الشمال تغطي قارة اسيا وإلى الجنوب يتواجد المحيط الهندي يجعل التفاوت الحراري بين مناطق الشمال والجنوب كبيرا خلال أشهر الصيف والشتاء
فكما يظهر في الشكل(1-27) فتطور المرتفع السيبيري فوق اسيا خلال الشتاء يعمل على نشاط أكبر للرياح التجارية الشمالية الشرقية عبر شمال المحيط الهندي (بحر العرب وخليج البنغال) وتسمى أيضا بـ “المنسون الشتوي" وهذا يدفع بمنطقة الركود المداري إلى الجنوب أكثر في المحيط الهندي وحيث أن مصدر هذه الرياح قاري فهي جافة باردة تجلب البرودة والجفاف للمناطق التي تمر بها لكنها مع ذلك تحمل معا بعض بخار الماء اثناء عبورها فوق المسطحات المائية وقد تؤدي إلى طقس رطب وماطر على بعض المناطق مثل اقصى جنوب شرق الهند وسريلانكا وماليزيا ومنطقة القرن الافريقي.
خلال أشهر الصيف في الشمال فإن ارتفاع درجات الحرارة المرتفعة فوق القارة أضافة إلى عامل الارتفاع في هضبة التبت يسبب في دفع منطقة الركود المداري إلى الشمال أكثر وذلك يؤدي إلى نشاط منخفض سطحي حراري فوق اسيا لذلك فإن الرياح التجارية الجنوبية الشرقية جنوب خط الاستواء لا تتوقف عند خط الاستواء بل تتجاوزه إلى الشمال وتتحول إلى رياح جنوبية غربية –وتسمى بالمونسون الصيفي- بفعل قوة الكوريوليس وتقطع شمال المحيط الهندي إلى قارة اسيا جالبة معها كميات هائلة من بخار الماء على مناطق جنوب اسيا لذلك فشبه القارة الهندية خصوصا خلال هذه الأشهر تسجل كميات هطول امطار كبيرة تتجاوز حاجز ال1000 مليمتر.
يلعب المونسون الصيفي دورا بارزا في نشاط موسم ما يعرف بـ “الخريف" بسواحل محافظة ظفار بسلطنة عمان كذلك يلعب المونسون الصيفي والشتوي دورا بارزا في نشاط الحالات المدارية في بحر العرب وخليج البنغال وسنتطرق بالتفصيل في الجزء الثالث من هذا الكتاب إن شاء الله.
تنشط المنخفضات السطحية الحرارية على طول امتداد منطقة الركود المداري ففي أشهر الصيف شمالا على سبيل المثال المنخفض الذي ينشط في الصحراء العربية او ما يعرف بمنخفض الربع الخالي ومنخفض افريقيا الاستوائي وهي منخفض حراري شبه دائم يتحرك شمالا وجنوبا خلال الصيف والشتاء ويمثل خلال الصيف في الشمال النواة الأولى لنشاط الحالات المدارية في المحيط الأطلسي وكذلك منخفض كاليفورنيا الحراري في الولايات المتحدة وهو منخفض حراري يساهم بدرجة كبيرة في نشاط العواصف الرعدية الصيفية والاعاصير القمعية –التورنادو- على أجزاء من الولايات المتحدة الأمريكية.
كتب بواسطة: يوسف السناني (حكيم الزمان)
تويتر: @hakem_aszman
كتاب مفاتيح المعرفة
